بالنسبة إلينا نحن الذين تتمزّق قلوبنا أمام مشاهد الدمار والشهداء في غزّة، نستطيع التمييز أنّنا قادرون على التكلم بحرية على منصة X، وأن ننقل ما يُرتكب بحق الشعب الفلسطيني. فعلياً، ما يمكن أن نقوله هناك كافٍ لإغلاق حساباتنا على كل منصات «ميتا» (فايسبوك، إنستغرام وثريدز). وهذا أمر ما كان يمكن فعله قبل إيلون ماسك. لكن، لنكن واضحين، هذا لا يعني أن ماسك قد أمضى حياته مدافعاً عن القضية الفلسطينية. الرجل مدفوع في كل ما يفعله بهاجس الربح. والربح على منصة X حالياً يعني زيادة عدد المستخدمين والوقت الذي يتم إمضاؤه على المنصة. فمثلاً، مع بدء الحرب على غزة، واهتمام العالم كله بالتطورات الجارية، نشر ماسك تغريدة يدعو فيها الناس إلى متابعة مجريات الأمور من خلال حسابَيْن نشطَين جداً، أحدهما لبناني ومناصر لفلسطين يُدعى Warmonitors، والآخر غربي الهوى متضامن مع كيان الاحتلال. وعبر وقوفه في الوسط هنا، يحاول ماسك جذب الناس إلى المنصة للتفاعل ومشاركة آرائهم، إذ لا مكان آخر فعلياً لهم للتحدّث بـ «حرية». أي إنّ الخلفية ربحية فقط!
ما يمكن قوله على X كافٍ لإغلاق حساباتنا على منصات «ميتا»
بالعودة إلى تحذير الاتحاد الأوروبي، الجدير ذكره أنّ المفوضية الأوروبية قدّمت أخيراً قانون الخدمات الرقمية (DSA)، وهو تشريع شامل يفرض التزامات على المنصات التي تضم أكثر من 45 مليون مستخدم نشط شهرياً في الاتحاد الأوروبي، لمراقبة المحتوى غير القانوني وإزالته بشكل فعّال مع الحفاظ على الشفافية بشأن عمليات الإشراف على المحتوى الخاصة بها.
أحد الجوانب المثيرة للقلق التي سلّط عليها الضوء في رسالة تييري بريتون إلى ماسك، هو تداول الصور المزيفة والمتلاعب بها والمعلومات المضللة على المنصة. تشمل هذه الحالات إعادة استخدام صور قديمة من نزاعات مسلحة غير ذات صلة وعرض لقطات عسكرية من ألعاب الفيديو كمواد أصلية تتعلق بالحرب الحالية. تسهم مثل هذه الحالات من التضليل والمعلومات الخاطئة في خلق مناخ من الإرباك والقلق بين المستخدمين. لكن، فلنعد قليلاً إلى الوراء، أين كان موقف الاتحاد الأوروبي إبان الحرب في أوكرانيا؟ وماذا عن المشاهد الصادمة التي شاهدها الناس؟ أم إنّه عندما يصل الموضوع إلى نقل مشاهدات الناس عن وحشية الآلة العسكرية الإسرائيلية ضدّ مدنيين عزّل، يصبح الأمر قضية مكافحة إعلام مزيّف؟ وانطلاقاً من فهمنا لخلفية إيلون ماسك الربحية، نفهم أنّ ردّه على الرسالة بقوله «أرجو منك إدراج المخالفات التي أشرت إليها في X، حتى يتمكن الجمهور من رؤيتها»، على هذا الشكل، هو سخرية من المفوضية الأوروبية، ما يشكّل عامل جذب أكبر لمتابعي X ليشعروا أن مالك المنصة مؤيد صريح لحرية التعبير!